الأربعاء، 23 أغسطس 2017

كيفَ لا أحفظُ عهدَ أبي ؟

و مُنذُ طفولتي ثملُ

أصحو على حكمتِهِ

التي ولَّاها لفِلْذَتِهِ

أقولُها صدقاً 

و ليسَ لأنها من صُنْعِ أبي

فكيف لا أحفظُ عهدَ أبي ؟

عندما قال :

يا بنيَّ إسمع 

من كان داخلَ الصمتِ يقبع

ففيهِ أسرارٌ تُعَلِّمْ

و منها الحُكماءُ تتعلم

لتكونَ على رأس الحِكمة تتربَّع

فكيفَ لا أحفظُ عهدَ أبي ؟

أو حينما قال :

أنظرْ و تأمَّل

لترى صُورَ العيون التي تتحمَّل 

أو ربَّما تتسلَّطْ حسَداً

و ما بين الناسِ بشعورٍ مُرهفٍ تتزمَّل

أرنو بيقينٍ .. ليحفظكَ الله كآيةٍ تتنزَّل

فكيفَ لا أحفظُ عهدَ أبي ؟

و هو مَنْ قال :

أيا ولدي 

إنَّ النهار ينتهي بالنَّوم

و الأعذارُ يبغَضُها اللوم

إجعل كلَّ شيءٍ يسير

و لا تترُكِ الحُزنَ يروم

من خاطركَ الذي يحمِلُ طيبةً 

لا تُقاسُ بالعددي

و تحمِلُ قوةٌ تتغلَّبُ على الأسدي

فهذا لك ما أُبدي 

إحفظ العهدَ يا ولدي 

و إحذر ...

فالحِلْمُ يمدُّكَ بملائكةٍ تحميك

و عن الناسِ تُغنيك

فكيف اللهُ لا يأتيكَ بالمددي ؟

هذا ما قالهُ أبي 

إن تكالبَ عليكَ أهلُ الرِّقْ

لا توافِقْهُم .. لتبقى على حقْ

و اسعى بمَرضاتِ ربي

الذي سيمحو كلَّ كربي 

و تأكَّد ....

أنَّ اللهَ واحدٌ فردٌ صمَدي

لهُ أسماءٌ لا يُشاطرهُ بها أحدي

هو العظيم 

و هو الكريم 

و هو لأهلِ الشَّرِّ المنتقِم

فلا تستسلِم

و لا ترنو خبيثاً يأتيكَ بالعجبي

قل لهُ : يامنْ حوَّرتَ التينَ إلى عنبي

سيُعطيني الإلهُ فضلاً

و ظُلمُكَ سيكونُ سببي 

لتعلمَ أنَّ من فوقنا مُنصِفٌ

إنَّهُ ربي

فكيفَ لا أحفظُ عهدَ أبي ؟؟

لا أَيُّها النائم ..

أفِقْ .. و لا تُصدِّقْ

أنَّهُمْ أنبياء ، و نحنُ أغبياءْ

انظرْ إلى السماء

لترى رفوفَ الحمائِمْ

يشهَدونَ أنَّنا النَّسائِمْ

أفِقْ أيُّها النَّائِمْ

أفِقْ

فَطُرقاتُهِم من شرايينِ البَشرْ

و دُموعُهُمْ سُرِقَتْ من المطرْ

سيِّدُهمْ يكذِبْ

و الشَّعبُ بنا يحلِبْ

كلَّ من جاؤوا بهِ ليَحْلُمْ

و وطنُهُ فوَّهةٌ

بركانُهُ سلاحهُمْ

و جسَدُ أخيهِ في وادي جهنَّم

ألا من أخطائنا نتعلَّمْ ؟؟

أنَّ أظافرُهُم مُستعارةٌ 

و كُلُّها لا تتَقَلَّمْ

أفقْ أيها النائم

فليسَ بهِمْ على الحقِّ قائِم

أفق

فالإنسانيَّةُ ليستْ إختصاصاتْ

أمَا بمِقَصِّهِمْ أصبحْنَا قُصاصات ؟

تتطايَرْ .. تتناثَرْ .. تتشاطَرْ

فيما بينهُمْ ....

فلما لا نقولُ و نختصِرْ ؟

أنَّ أرواحَنا في أوطانِنَا 

و أجسادُنَا تفنى و تَحْتَضِرْ 

نعم أيها النائم 

و من نسلِهِمْ أتونا بحاكِم 

أنظُرْ و تأمَّلْ

ستراهُ لبَلاطِهِم أميناً و خادم 

و بفَضلِهِم على الشعبِ قائمْ

أفق  ... أفق أيها النائم 

لا تَنتَقِدني فإنِّي أنتظرُ على الأبواب

بيميني قلمٌ

و بيساري علَمٌ

و بعينِي سَلَمٌ 

مكتوبٌ بِكتاب

و لا أنوءُ عن نفسِي

 ما حيَّرَ الألباب

لا تنتقدْنِي فإني أنتظرُ على الأبواب


لأقرأَ عليهِمُ السَّلامَ بقولٍ

 يا أمَّةَ الإغتصاب

لا شيءَ يجمعنا

واحدُهُمْ يفرقُنا

تقاعُسُهُم أرهقنا

و حِقبَتُهم تَوْكِيدُها إنتداب

و ما الشَّعبُ بعيونِهم إلّا ماءُ زرياب

لا تنتقدني فإني أنتظر على الأبواب


لأَعُدَّ كمْ نفراً سيجلسُ تحتَ القِبابْ

رئيسٌ وارثُ الحُكْمِ بالعاده 

ينامُ على كرسيِّهِ بلا وِساده

أمَّا أصحابُ السَّعاده يتساءلون ..؟

 مَنْ أتى بعودِ الثقاب

الذي أشعلَ الكنيسةُ 

و أشعلَ المِحراب ؟

لا تنتقدني فإني أنتظرُ على الأبواب


أنتظِرُ زعيماً يكونُ صادقاً بِخِطاب

في الشّرقِ مُسْتَعْربٌ .. لآهاتنا مُسْتَعْذِبٌ

للغرباءِ مُسْتقطِبٌ ..فإنهُ مُحتالٌ نَصَّاب

حتى أنهُ يَسْلِبُ من ثغورنا الرُّضاب

لا تنتقدني فإني أنتظرُ على الأبوابْ


لأروي أوجاعَ شعبٍ تركوهُ بلا أثواب

أنقَصوا مقامَهُ 

و كبَّلوا أحلامَهُ

و بدَّلوا إسلامَهُ 

إلى بعبُعٍ و إرهاب

فقطْ لأنّهُ يبغي السَّلامَ 

و إلى ربهِ تاب

لا تنتقدني فإني أنتظرُ على الأبواب


فأنا من شعبٍ تهافتتْ عليهِ الكلاب

أ نَحنُ عظام ؟ أمْ نحنُ نيام ؟

لأرواحِنا السَّلامْ

و ساداتنا أذناب 

واحِدُهُمْ يطيبُ لهُ التَّمتُّعَ و الإنجاب

لا تنتقدني فإني أنتظر على الأبواب


لأُبرهنَ أنَّ العربيَّ كانَ 

و ما كانَ في الإعراب ؟

إذا كان ماضيهِمُ ناقِصْ

و حاضرُهُم بردُهُ قارص

فماذا عن الراقِص ؟

يرنو موتَ أخيهِ باستغراب

سألتُكم بالله أما نحنُ في أوطاننا أغراب ؟

لا تنتقدني فإني أنتظر على الأبواب 


أمَا الشريفُ منهمْ معتوهٌ كذَّاب ؟

يصنَعُ بفِعلهِ الفِتَنْ 

و يزرعُ بيدهِ المِحنْ

يَضيعُ منّا الوطنْ 

على يدِ ذلكَ العَرَّاب

و ممنوعٌ علينا التقصِّي  و الإقتراب

لا تنتقدني فإني أنتظرُ على الأبواب 


أنتظِرُ من يُنصِفَ أطفالاً 

رحلوا إلى الله أسراب

في البحر ... في البَر

كأنما في هذا سِرْ 

و لنا فيهِ حُسْنَ مآب

أمْ كانَ هذا من اللهِ عِقابْ ؟؟

لا تنتقدني فإني أنتظر على الأبواب


أنظرُ إلى الله خالقُ الكونِ مُجري السَّحَاب

أسألهُ عن طائراتٍ من ذهب

و عنْ فقيرٍ رحلَ فُجَاءةٌ و ذَهب

و آخرُ كلماتهِ كتَبْ 

أنا اليومَ تحتَ التُّراب

فياربُّ عدْلاً 

أرِنِي فيهِم يومَ عذاب

لا تنتقدني فإني أنتظرُ على الأبواب

قلتُ سأرحلْ

عنْ آثامِ البشرِ ، عن تسَكعِ الفصول

و عُرِيُّ أغصانِ الشجر 

قلتُ سأرحلْ

منِ سنواتٍ هجرت ربيعَنا 

منْ عمْرٍ جُلُّهُ تبدَّلْ

قلتُ سأرحلْ

لأصافحَ الأشباحَ بعيداً

فوقَ ربوةٍ أو جبلْ

لأقولَ أنَّني إنسان

قبعَ على بعثراتِ البركان 

و على آلامِ الآخرين 

و غدا بعيونِ الناسِ

كأنَّهُ للهمومِ يتسوَّلْ !

قلتُ سأرحلْ

من شوارعِ الدنيا 

من عالمٍ بلا معنى 

كأنما أوصِدَتْ كلُّ منافِذهُ

و بدا كدائرةٍ بلا مَدْخَلْ

قلتُ سأرحلْ

و أفكاري لا تزالُ كقميصٍ

بلا أكمامٍ و فمي مُكمَّمْ

و في السِّنِّ أتقدَّم 

فلا أعلّم .... و لا أعلمْ

إنْ كانتْ صحراؤنا تحتاجُ حرثا

و فيها الأنقاض ..

و العين يقيِّدُها الإغماض

إلا بما نذَرْ 

بالقليلِ القليلِ من الإمتعاض

و من فوقِ فوقِها أرواحٌ 

عليهِمُ السَّماءُ برحمةٍ تُسدلْ

فهناكَ السلامُ عندَ ربٍّ

و هنا النَّفسُ باستهانةٍ تُقتَلْ

فماذا أفعل ؟

قلتُ سأرحَلْ 

لأقتصَّ من العثرات

من نيِّفٍ و سبعُ سنوات

حيثُ رأيتُ الملائكةَ 

تشربُ من سرابِ ذاكَ الجدول

الذي حُرِثَهُ المِدْفَع

و بالقنابِلٍ نُفِيَتْ هيبَةُ الفأس ِو المِعْوَلْ

فكيفَ الجراد إلى أرضنا يتسلَّلْ؟

قلتُ سأرحل ..

بعدما رأيتُ وطناً داخِلَ الوطنْ !!

كأنَّما وُلدَ من رحِمِ الغايات

غاياتُ أقوامٍ غيرُ معلنةٍ

و العنفُوانُ بالسُّخطِ تبدَّلْ

أما منْ صِدِّيقٍ بالطُّهر يتظلَّلْ ؟

أَمْ أنَّهُ مِعوَجٌّ .. 

يقضي الحياةَ كُلَّها و لا يتعدَّل ؟

قلتُ سأرحل 

لأنَّني لم أرى إسمَ جدِّي إلا على الدفتر

و الهباءُ يعتليه .. تغيبُ معانيه

كأنما لمْ يُكتَبْ لجيلٍ واحدُهُمْ يتخدَّر

و الممحاةُ تمحي ما تقدَّمَ منهم

و تترُكُ منَّا ما تأخر ....

كانوا آيةً من اللهِ تتنزَّل

أمَا أجدادُنا وهبونا كُرَةً ؟

و جيلُنا بغبائِهِ يتعرقل ؟

قلتُ سأرحل 

و لن أعود 

إلى جيناتٍ تهوى الرمادَ و البارود

فكيفَ أعود ؟

و ما بينَ أعشاشِ الطيورِ رسموا حُدود

و من حولها ثعابينٌ

تأكل البيضَ ، و ترشُّ السُّمَّ

لتقتصَّ من وِحدةِ ذلكَ العود 

أبهذا يا أمةَ الله أقبل ؟

فكيفَ لا أرحل ؟

{قِطافُ مُغترب}


أخبِري الشَّمسَ أنَّني مفازةٌ في زمنِ الخير

لا أُعطِي كما تظنُّ الغيوم و لا قطراتِ الندى و لا ماساتُ المَطر

أخبري القمرَ أنَّني قطعةٌ من مجرَّةٍ تباعَدتْ أجزاؤها في سماءٍ منتظمةُ المسار

و لكنَّها لم تُدركُ مساري 

أخبِري سويداكِ عن قلبيَ الأبلق ، و عن اسمِكِ الذي أعشَقْ 

أنَّ الهوى زارني بيومٍ و احتفى ببابٍ كانَ يُطرَق

غادر و لم يَعُدْ .. و ما تبقى لهُ إلا الذكريات .

من فتاةِ الياسمين 

أتيتُ لأقولَ عن كمِّ الحنين 

الذي يحتويهِ قلبي 

و تنطِقَهُ كُتُبي

فالحقيقةُ يندى لها الجبين 

خمسةٌ و عشرونَ من الملايين 

ما بينَ طائعٍ 

و خانعٍ 

و ضائعٍ ينتظرُ رحمةَ الرَّحيم

و جُلُّ البشرِ في صدرهمُ الرَّجيم

فماذا جنينا ؟

و حقوقنا أضعنا ..

كنَّا بمجرمٍ و أصبحنا بآلافِ المجرمين 

أمَا فينا حقودٌ و لإيمٌ لا يَبغي المخلصين

فكيفَ نُخمدُ النَّار

التي أوقدها الحِمار

و سارَ على نهجهِ جموعٌ من الفاسدين 

و ضميرُنا الميِّتُ تُرجِمَ بسبعِ سنين

عامانِ هُجِّرنا .. و عامانِ قُيِّدْنا

و ثلاثةُ أعوامٍ نشربُ من أكوابِ المُستفيدين

و نقرأُ الفاتحة على أحياءٍ جُلهم ميِّتين

و قد كانوا عِنَباً 

يجتمعونَ عُصَباً

تفرَّقوا كما الأنفُ فرَّقَ ما بينَ العينين 

سألتكِ باللهِ أما عنْهُم تختلفين ؟

سلامٌ عليكِ يا بلدَ الياسمين 

غضب الشُّعوب

غضبُ الشعوبِ. على الحُكَّامِ. منزلةٌ

و الكرسيُّ لا يبقى و إن طالَ يرتحِلُ

الشعوبُ ذاكِرَةٌ و الأوطانُ كَمِثلِها أبدا

فكيف َ تُمحى. ذاكِرَةٌ. أصابها. مُعتقلُ ؟

و العُمرُ نقضيهِ نعدُّ أوثانَ عائلةٍ

حكمَت مكاناً و المكانُ بنا عضُلُ

و بدت نواقيسُ الكنائسِ مُكلَّلةٌ

و المساجِدُ أوجَبَت طُهراً و مُغتَسَلُ

ممَّن صادقَ الجِنَّ ليكتبَ إسمهُ

على أرضٍ كأنما لهُ الملكُ يُختَزَلُ

و المهاراتِ صُنِّفَت لهُ بكلِّ تأكيدٍ 

مهندسٌ و طبيبٌ و مُناضلٌ ينتحِلُ

أوصافَ كفاءاتٍ و ما كانَ منهم

إلا أنَّ ميراثهُ كرسيٌّ و بهِ يكتَمِلُ

أما هذا هراءُ أمَّةٍ صُنِّفتْ بثالثٍ ؟

و غزتْ بجهلها كلُّ ما بها يُفْتعَلُ ؟

أينَ ذهبَتْ صُكُوكاً كُنَّا خاتَمُها ؟

في الطِّبِّ أصلاً و مِنَّا غدا يتنصَّلُ 

آهٍ   على  هيبةٍ  أزاحها  زنادقةٌ

و بدينا بفضلِهِمْ أسماءً عليها يُتْفَلُ

فها هي الشامُ تُعاني قصَّةَ سمسارٍ

شهيقهُ سَجنٌ و زفيرهُ قطعاً يَقْتُلُ

منْ يقولُ يا أمةَ العربِ  كرامتي

فلا يسمعْ منْ كانَ للكرسيِّ يتأمَّلُ

أينَ نذهبْ و  الأرضُ  علينا إثْمٌ

و السُّوريُّ ما بينَ الشعوبِ يُنعَلُ

أما  زرتُمُ   زقاقاً   يعتليهِ  طيرٌ ؟

و الغيومُ تأبى ستاراً عليهِ يُسدَلُ

أما قرأتُمْ عن  حِمصَ و  ميماسها 

و ديكُ الجِنِّ  إسمٌ  يبقى و  مَعْقِلُ

لروحٍ تتقوقُ نواعيراً لتبوحَ وجداً

و سهلُ حورانَ فيهِ الشهامةُ تنعدِلُ

تاللهِ  نحنُ  شعبٌ  لا  يزالُ  حيَّاً

يموتٌ حبَّاً بالكرامةِ و لا يُخزَلُ

عيَّروني !

عيَّروني أنَّني لاجئ ...

و نسوا مدافِعَهم و طائراتُهُم ...

و نسوا أنينَ طفلٍ في الملاجئ ...

عيَّروني أنَّني لاجئ


عيَّروني و نسوا بيوتاً تهدمت أركانُهَا 

و شُرِّدَ ظلماً و بهتاناً سكَّانُهَا

حتى بدا الصبحُ ليلاً دامساً

همسهُ بكاءٌ ، و صراخهُ عويلٌ

و الموتُ في الساحات بات مفاجئ

عيَّروني أنَّني لاجئ


ألمْ تروا الأعلامَ بكمِّها ؟

مئاتُ الألوانِ أصبحت ألوانها ..

أسودٌ و أبيضٌ و أخضرٌ و أحمرْ

كأنما عدنا إلى عهد جوعٍ أغبَرْ

و الأحذية أصبحت بترولاً في المدافئ

عيَّروني أنَّني لاجئ


أنتم أوصدتُّم أبواباً ليلوكنا القرش 

و صمَّمتم أن الشعبَ ثمنهُ قرش

بعثرتموا كلَّ شيء

و الشيءُ لم يعد بشيء

حتى النوارس التي تطوف على الشواطئ

عيَّروني أنَّني لاجئ


أما أعلنتم أنَّ وطني أصبح للمدفع و البارود ؟

و قلعتُمْ تماسكنا بريحٍ رسمت أوطاناً و حدود 

و بايعتُمْ من يفرِّقُنا

بالعنصريةِ يكبِّلُنا 

مدنيَّاً .. عشائريَّاً .. كرديَّاً .. مسيحيَّاً 

الكلُّ للكلِّ على الكلِّ من أجلكم مناوِء

عيَّروني أنَّني لاجئ

السَّجين

إقتَرَبتُ منهُ ولم أَخفْ

و بوجهِهِ معالِمُ الأسف

لا أُدركْ فحواهْ

إلا أنَّني أتنفَّسُ هواه

و بينَ يداهُ إنجيلٌ و مصحف

يتلو بيقينٍ كتابَهُ و يتَصفَّح


و أنْسُجُ قصصاً بفِكْري

كيف ...؟ والله لا أدري 

إلا أنَّ عينايَ عليهِ تَذْرَف

بدمعٍ غريبٍ 

ما منْ أحدٍ عليهِ تعرَّف

فماذا جنى من الكلمات ؟

و عُشَّاقُ وطنهِ لا يزالونَ هُواة

هُواةُ حبٍّ قانطٍ ، و فيهِ القلبُ يُجرف

كأنَّما شَطْرٌ من شطرينِ يُحذَف


أليستِ المعاني ضاعَتْ ؟؟

و المفرداتُ كُلُّها انصاعَتْ

أمامَ شِعاراتٍ علينا  تتعطَّف ؟

و الياسمينُ يذبُلُ و لا يُقطف ...


و الزنانزنُ يأويها قيدٌ

 القيدُ يأويهِ سيِّدٌ

و السَّيِّدُ عنْ الأوطانِ لا يتخلَّف

إلا أنَّ روحهُ تتمزَّق و تُتْلَف


من ظلامٍ يُعانقُ الجدران

من ظلمِ إنسانٍ لأخيهِ الإنسان

فمتى عنهُ الجلَّادُ يُصرَف

أَ هَلْ بميزانِ الهُراءِ يُنْصَف ؟

و الكُرسيُّ باتَ فاقدُ الضمير

و نزيلُهُ على الإستبدادِ يسير

واحدهُمْ يَقتل و لا يأسف

فتأكدْ أنَّ في السَّجنِ 

ألافٌ مصيرهُم لا يُعْرف


رويداً

رُويداً أيا سيِّدَتي

ما كُنتُ مُعَذِّباً

لتكوني مُعَذِّبتي

رويداً أيا سيِّدتي


و لا تتعجَّلي

على حبٍّ لا ينجلي

يجتبيهِ نجمٌ

 في سمواتي

تألفهُ الشُّهبُ 

و تنادِمُهُ مَجرَّاتي 

ليُصبحَ عِقداً برَّاقاً

يُزَيِّنُهُ تكَلُّلي

لُطفاً أيا مُؤنِسَتي


فالعِشْقُ وصْلُ

و في داخِلِ شراييني

أحْكَامٌ

 و لكن منكِ

أبداً أبداً لا يتَنصَّلُ

سَلِي عَنِّي

عندما أَحمِلُ شِعْري

بين صفحاتِ عُمْرِي

لا تنطوي عينٌ عليها 

إلا لتحفظَها 

لتزدادَ مودَّتَها 

تحتَ جفني

فكيفَ

 يا قلبُ لا تُغنِّي ؟

في ليالِ الهيامِ

ففيها ليلةٌ تُشبِهُ لَيْلَتي

رويداً أيا سَيِّدتي


فإني أراكِ

كحُدُودِ أوطانِنَا 

فرَّقها خَتمٌ 

بلا عودةٍ

و البِحارُ تبتلِعُ أحلامَنَا

لما هذا ؟

و قدْ أعطيتُكِ تأشيرتي

أبديَّةٌ .. أزليَّةٌ

فلا تزيدينِي صَدَّاً

فربَّما أموتُ بحِيرَتي

رويداً أيا سيَّدتي

املئي سيِّدتي

املئي كوبي ببَعضٍ من العذوبة ، التي غادرتْ مُنذُ زمن

و أخذتْ مكانها في جوفِ الأرض ما بين الصخور الجَّافَّة

املئي كوبي لتسقيني شُربةً تُسْكِرُني 

تأخذُني إلى عالمٍ مُختلف ، ليس لهُ حدود 

و لا يحتاج تأشيرةَ دخولٍ إلى عالمكِ المعطاء 

أسرِعي و لا تتردَّدي ، لأنِّي إنسانٌ يعيشُ في جزيرةٍ

داخلَ بحرٍ مالح ، تحاوطُهُ الأسماك ، لا يملكُ إلا فناءً

و بعضاً منَ الأوراق ، و قليلٌ من الحبرِ الذي لا يروي عطشي

أنظري .. تأملي .. و استهلِّي وجودي بكأسٍ يشفيني

يُزيلُ شكِّي و يُرسِّخُ بالحبِّ يقيني 

الأرضُ القاحلة

صَفاصِفُ الأرضِ القاحلة

تُعيدُني إلى صنائعِ البشر 

و أردافٍ يتبعونَ خطواتي

 منْ حيثُ بدأتْ

لا يا سادتي ...

فأنا من بُقعةٍ خيِّرةٍ 

خانَها وِدِّي و مَنْ سارَ بَعدي

مُترَبِّصاً بغلاصِمِ الأسماك

التي لا تواتي إنساناً مُقْفِر

لا ينبري للحبِّ 

جئتُها

جِئتُها و هي ترفُضُ

أن تقولَ أتاني

جِئْتُ لأخْبِرُها

لأُقنِعُها أنِّي رشاؤُها

و ما كُنتُ أنا الجَّاني


جئتُها و هيَ ترقُصُ

على أوتارِ صبري

بسبعِ سنينٍ أُغازلُها

أُنادِمها ، بسالِفِها

و قلبُها مِنَ اللُّبِّ نَساني


جئتُها و على بابِها

أسألُهَا عنِ الخوالي

عن بُقعةٍ تعرفني

و عنْ خيوطِ الشمسِ

التي حَجَبَتْ  مكاني 


جئتُها أنتظرُ امرأةً 

أحببتُها و ما رُزِقتُ منها

إِلَّا ذكرياتٌ و طفولةٌ

و براءةٌ و بساطةٌ

و تعنُّتُ الإنتظارِ جفاني


قلتُ سأسقيها شوقاً

لأنهلَ كأسَ عشقاً

أرتوي منهُ لأروي

فأبى الكأسُ و ما سقاني


أيا أرضي ما رضيتي

فكيفَ تَرْتَضِي لأُرْضِي

سبيلَ رُشدٍ ضائعٍ

بخواطرٍ أنْهَكتني

و النثرُ منها ازدِراؤهُ أعماني


أينَ تكونُ و الحربُ

تستعِرُ أينما تواجدَتْ

ذِكْرَياتي حيثُ كانتْ

بلحنٍ جميلٍ

الحبُّ فيها أعظمُ ألحاني


و نوتتي أحرقها بُعدٌ

رمادها يكتبني عنها

و يُسْلِفُها ألماً مزرياً

يُآجِرُها فُراقاً

و العِتابُ ما اعتادهُ لساني


رجال الأمس 

من سالف العصر كان

و من كان ؟؟؟

في ذاك الزمان ؟؟

حينَ كنَّا نلهو و نلهو ..

ما بين كبيرٍ و طفلٍ يحبو

و كنا نأكل التفاحَ و الرمان 


من سالف العصر كان ..


كان في أكثر الأحيان 

يسترسل لغة الإمكان

كل شيءٍ ببساطةٍ يصبح حقيقة

أهيَ الأخلاق أم النوايا الرقيقة ؟؟

و قد كانت الجارة بمثابة الشقيقة ...؟

تتوزع فيما بينهم الأفراح و الأحزان

من سالف العصر كان 


أحمد و عيسى و موسى أخوة

يزينهم التواضع و المروءة و النخوة

صغيرهم كبير ، و الكبير في عصرنا ...... رخوة

سأقولها بالفم الملآن 

أن زمان الرجال غاب يا إنسان

من سالف العصر كان

أعيش  

أعيشُ كغيري 

على الذِّكرى 

بِحَفْنةٍ  منْ  

عمرٍ  تعَرَّى

لأمضي بذاكرتي

مطارِدٌ  لها 

مُتشبِّثٌ بها 

باحثٌ عنها 

بروحِ شَجَرة

سقيتُها ذاتَ يومٍ

مُذْ كانَتْ أمامي

تَرُدُّ عليَّ سلامي

و لا تهابُ هبَّةٌ تعوي

و لا تسْقُطُ بألفِ عَثَرة

فماذا جرى ؟

لأرى بَزْخَها بعيني

تتَدَنَّى حَجَرةٌ حجرة

و ماذا أرى ؟

و أجداثُها بازديادٍ 

فكيفَ أُحْرَمُ مِمَّن

عشقتها بِنظرة

لا تتسوَّف ...

ومنها أولادُها تتثقَّف ...

ثقافةُ المُحِبِّ بالفِطْرة

ثقافةُ الدَّراويش 

التي خُطفتْ 

على حينِ غِرَّة

أعيشُ على الذِّكرى

أنْسى

حينَ قلتُ أنني أنْسَى
و الزهايمر طرقَ أبوابَ عقلي
قالوا مجنون !
يوقِدُ جمرَ الكانون
في عُقْرِ الصَّيف
و آلافُ القضايا تغمَّدتها
نِعمَةُ نِسيانِهْ ....
و المجانينُ سيانِهْ
هذا حينَ قلتُ أنني أنسى
و في حقيقتي التناسي
لأجلِ خلاني و ناسي
فما زِلتُ أحتفظ
بحقيبتي المُتْخَمة بالذكريات
طفولة و حكايات
و زقزقةُ عصافيرٍ و أشجار
إلا أنها شَحُبَتْ
في عصرِ المغتصِبْ
بعدما بعثرَ الربيع
في عيونِ مُسِنٍّ
و في أحضانٍ أوَتْ
طفلاً رضيع
يُخبرُ عالماً لا يسمع
يقولُ لهم :
 إنْ عدلُكم لم يُنصِفْنِي
و إنَّ عدلَ ربِّي لا يضيع
فكيفَ كرامتي أبيع؟
كلُّ هذا جرى
حينما قلتُ أنني أنسى


إليكِ قلبي 

فأنتِ سيدتي 

و أنتِ في دنيايَ مؤنِسَتي

و أعرف أنَّ القلبَ إليكِ قليلا

إلا أنَّهُ باستحياءِ القول 

خفقانهُ أصيلا

و قد إعتاد على الوفاء

على أرواحٍ تُعانِقُ السَّماء

على فرسٍ خاضَ معاركاً

فجدِّي خالداً ، و خيلُهُ بلقاء

إنْ لم تعرفيني ...

إسألي حِمصَ ... 

فجُدْرانُها تشهد

أنَّ من أرضِها يخرجُ الصَّهيلا

و كم من عاشقٍ 

فِدى حبِّها طاحَ قتيلا

تخلَّجتْ أوصافنا 

و اتسعَتْ أصقاعُنا

أما أصبحنا سِلعةَ قولاً و قيلا؟

أحسِني إلى قلبي

و تقبَّلي عزائي إن لم تقبلي 

فأنا كما غيري 

و نهرُ العاصي دَماً في شريانِ يجري

لأرضي حنيني 

و غيرها لا يُغنيني

فهذا أمرٌ يعنيني 

إن لم ترتضي .. 

ليَ أرضي ..

و ليَ أشجارٌ فيها 

و عشقها للظمآنِ سبيلا

و من قلبي ترفض الرحيلا


الفُنجان

غادرتُ وطني و يدايَ ترتجفانْ

و بجُعبَتي ذكرياتٌ تملأُ الفُنجان

فنجانٍ أصبحَ يتَّسِعُ لكلِّ الأوطان 

و أصبحَ يُشبهُ وطني بكلِّ  شيء

شيءٌ منِّي و أشياءٌ منهُ إنْ شِئْتْ

فلِما لا أقولُ يا أُمةَ المليارِ تعبتْ ؟

تعبتُ و أنا أُقلِّبُ أوراقَ التقويم

أسابقُ اللَّحظات ، و تلكَ الخَطوات

التي هذَتْ هكذا حتى إستوطنتْ

بضياعٍ و إنصياع ذلكَ الإنسان

و دماثة الخُلقِ في عالم النسيان

في وقتٍ بِهِ أبحثْ

أبحثُ عن الماضي

و في عباءةِ القاضي

و أنا بلا مكانٍ و لا عنوان 

أحملُ هَمِّي ، و إشتياقي لأمِّي

و باللهِ أسَمِّي ، منْ شرٍّ ألمَّ بألمي

أليستْ البَغضاءُ سادتْ 

و خفافيشُ الليلِ عادتْ 

كأنَّما الحُلُمُ بزوالهِم ما كان ..

و الطُّرُقاتُ تلتهِمُها النيران

تحتَ ظلالِ طائراتهم العُدوانيَّة

و حربٍ تقودُها الطَّائفيَّة

هذا يفتخر بالعشائريَّة

و آخر بالمدنيَّة 

و نسوا أنهم على ذات السَّدان ؟

و المفارقةُ فقط بالألوان

لونٌ داخلُ وطني يخون 

و في الخارجِ هائجٌ مجنون

و كيفَ لا أيها العُميان ؟

أما الحقيقةُ تقولُ أنهما إثنان

يدخلونَ في  قصةِ الشيطان ؟

و وجهِهِمَا مرسومٌ على الحيطان ؟

وجهٌ في بلدي يحكُم

و في الغربة حقيرٌ يَشْتُمْ

يحملُ العَداءَ و يُحاربُ الأديان

فبأيِّ آلاءِ ربِّكما تكذِّبان ؟


الشجرة الجوفاء

شجرة جوفاء ..
مليحةُ القوام …
تقف شامخةً بلا أقدام …

شجرةٌ تظهرُ و كأنها ميِّتة ..
من عهد السلاطين ..
الذين كانوا من الزاهدين …
شجرة تعانق السماء 
و لكنها جوفاء..

نظرتُ إليها و تعجَّبتُ أنها لا تزال صامدة
و نقراتٌ من أصابعي لها ترنُّ … كأنها خاوية ..

بتُّ أسألُ نفسي ..:
سبعمائةِ عامٍ مع السلاطين …!
أكانتْ ساجدة ..؟
لله ربُّ السماء …
بالرغم من أنها شجرة جوفاء …

لما لا …. و من عهد الأنبياءِ
هنالكَ الأماكن .. و النبات ..
لا كدراً يشوبهم ..
و مكتوبٌ عليهم النقاء …
و هذهِ الشجرة دليلٌ ….

ماتت … و لا تزال واقفةٌ بلا إعياء ..
شجرةٌ جوفاء …
(حِمْص)

إليكِ قلبي 
فأنتِ سيدتي 
و أنتِ في دنيايَ مؤنِسَتي
و أعرف أنَّ القلبَ إليكِ قليلا
إلا أنَّهُ باستحياءِ القول 
خفقانهُ أصيلا
و قد إعتاد على الوفاء
على أرواحٍ تُعانِقُ السَّماء
على فرسٍ خاضَ معاركاً
فجدِّي خالداً ، و خيلُهُ بلقاء
إنْ لم تعرفيني ...
إسألي حِمصَ ... 
فجُدْرانُها تشهد
أنَّ من أرضِها يخرجُ الصَّهيلا
و كم من عاشقٍ 
فِدى حبِّها طاحَ قتيلا
تخلَّجتْ أوصافنا 
و اتسعَتْ أصقاعُنا
أما أصبحنا سِلعةَ قولاً و قيلا؟
أحسِني إلى قلبي
و تقبَّلي عزائي إن لم تقبلي 
فأنا كما غيري 

(الحارة)

و عزفٌ منفَرد ، و الهمسُ اللَّدِنُ  اختارَ شراييني أوتاراً 

و جسدي النحيلِ قيثارة ، بلا نوتةٍ و لا أغنيةٍ تردِّدُها الحناجِر

إلا أنَّ فيها الحنينُ لأبوابٍ من خشب ، و لجُدرانٍ سوداءَ من الحجارة

و قطوفُ الياسمينِ تتدلَّى أمام الشُّرُفات برونقٍ 

تطغى عليها البساطة ... و فجأة صحَوْتْ ... !

على صخبٍ الألم ، بعدمَا حطَّ رحالَهُ على الدَّراويشِ

مُخلِّفاً هجْراً و موتْ ، و نحيبٌ يغيبُ عنهُ الصوتْ

و الشورعُ يحتويها السكون ، و الليالي دامسةٌ

و العصافيرٌ مقيَّدةٌ ، ما عادتْ ترومُ  طِلَّ الصباح

من أوراق النارنج المُعَمِّرة ، التي كانتْ تزيِّنُ الحارة

ها و قد اختصرتُ لكم حُلُماً ، سرقَ جفوني 

و ألبسني ثوبَ الذكريات

الحارة .... و أيامٍ دوَّارة .

اعتقيني


اعتقي روحي
عتقاً أبديّاً
فما عدتُّ أملكُ
مفرداتٍ
تحاورُ الأرواح
و تخِرُّ لحضوركِ
إعتقيني 
فالحبُّ يحتاجُ
مواجهةً
إمَّا يكون 
أو لا يكون
و الإحساسُ
باتَ مفقودٌ
في عسيرِ الصَّمت
عندما كُنْتْ
أبحثُ عنكِ 
و لم أجدكِ
إلا في عيونِ المئات
و أنا في مِقْعَدٍ
بل صِفرٌ يساريٌّ في فئةٍ
لولا وجودي
ما كانَ للمئات
تصنيفٌ
و لا جحرُ أساسٍ 
ما بين الفئات
غادريني
أتركيني
فلستُ وطناً
يأوي من يخون
لجأتُ إلى ربِّي

بعدَ أن غادرتُ بلدَ الياسمين  و كُلِّي يقين أنَّ حكايتي أقبَلتْ من رحمِ الحكاياتو التي 

إستُنسِخَتْ من حكايا الملايين لجأتُ إلى ربيو سألتُ أوراقَ ذاكرتي عن شعبي !كيفَ 

سَيَخلِفهُ شعبٌ يقرأُ لغاتٍ غير لغتي و فيهِ أناسٌ أُكلِّمهُم بالإشارةِكأنني دميةٌ خرساءَ 

يعوثُها صمتيقلتُ ماذا أتى بي ؟كيفَ أصبِر ؟ فلستُ نبيو لكن ...أنا أبْصِر ، و في

 عيوني أصدقاءأوصافُهُم كالنجوم في رَحِمِ السَّماء كُلما شاهدوا دمعة ...يركضونَ 

لأجلي بِسُرعةأهيَ الشَّهامة ؟ في وطنٍ وجدتُّ فيهِ الكرامةالتي فقدتَّها على أعتابِ 

عروبتي أريزونا هي حبيبتي 

قصيدة الوطن العربي الكبير 
ل عدنان رضوان

وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
و الكِبَرُ يكمُنُ في ساداتِهِ
هوَ آخِرُ و شعوبهُ كمثلِهِ 
و الأول قاداتِهِ
و طنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
إسمُهُ الوطنُ العربي 
شعاراتُهُ غلافاً على الكُتُبِ
يستصرِخْ ثمَّ يُزمجر 
و لا شأنَ لهُ في الحربِ
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
أعداؤهُ العقلُ و اللسان
و كلُّ ما يخطُّهُ البنان
فلا لحكيمٍ يفوهُ حقَّاً
إصمتْ .. و اصغو للكبيرِ بإذعان
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
رسموهُ على أساس الفراق
و قطَّعوهُ ليكتمِلَ الإشتياق
فكانَ لأشعَبَ و جحا
و أصبحَ لِ علي بابا ليتِمَّ الاحتراق
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
دمنا لهم .. و حناجِرُنا لهم 
و الهُتافُ لهم و علينا ضريبةُ الموت
و ثمَنِ القبرِ من جيوبِنَا لهم 
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
أجمعوا على نِكرانِ شعوبِهِم 
قالوا يومٌ لنا و يومٌ عليهِم
فالغدُ القريبِ سنعصرُكُم 
لأننا عربٌ ... فكيفَ لا نبقى 
تحتَ إمرتِهم 
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
قالوا لنا موطني موطِني
و أضافوا يا (أنا)
و باعوا ضميرُهم المنفصل
ليكون لهم يومَ المنى 
أخذوا أرواحَنا بأناشيدٍ شبعناها 
و ما كانت لنا ... إلَّا أنَّ فيها 
موطِني ... موطِني 
لما فرَّقتمُ شعبَ الضاد
و أعلنتم على أرواحهم الحداد
و هم سقاةَ عِشقٍ لا يزول 
سيوفهم أقلام و دمهم مداد
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
نعم ... فأنا الأجنبيُّ في وطني العربي
و الحدودُ ألغت إنتماءنا العربي 
سقطنا من عيونِ الأمم التي تقول
كلاشنْ قتلَ ابنَ سينا العربي 
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
الارهاب باتَ لدينٍ اسمُهُ الإسلام
و الرَّجعيَّةُ باتت لعروبةِ الاستسلام
صدَّروا القواذيرَ و قالوا : حضارة !
و نسوا بأننا أمَّةٌ تعشقُ السلام
أتونا بمسلمٍ و مسيحيٍّ و آشوري
و ادعوا أنهم فرسانٌ تُعلِّمُ الكلام
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
من سوريا و لبنان أحياؤُهُم باتوا من الأموات
و منَ العراقِ لمِصرَ و اليمن
باتت حضارتُهم في مستنقع الحضارات
و من الجزائر لتونس و ليبيا 
باتوا في الحضيضِ و الحِكايات 
فاسمع ندائي : يا هذا 
ألا نستفيقُ من رقادِنا ؟
ألا نواري أعذارَنا ؟
فهذا شرقنا الجديد بشَّروا بهِ
و نحنُ نقول هذه أقدارُنا 
وطنٌ كبيرٌ بعاداتهِ
ألا من يقينٍ بأنَّ هواتُنا تحْتَضِر ؟
و بالرواياتِ الشهيرة تستتِر
جمهورياتُنا أصبحتْ ممالِك
و دساتيرُنا لفردٍ تقتصِر 
و كُرسيُّ الأولياءِ لا يحتاجُ أصواتنا
فمكتوبٌ عليهِ سيّدكم و لا نعتذر 
فهؤولاء هم مَنْ علَّمونا موطني 
عربٌ و آذانُهُم من طين
لا يصغونَ للخِرافِ لأنهم سلاطين
يحتمونَ بأسيادِهِم ليبقوا 
على عروشِهِم بقيَّة السنين 
نعم ... أجل ... و بَلا 
نحنُ خِرافُ بأنظارِهِم 
و بنظرِ أسيادِهِم من الرجعيين
فلذلك نحن متشبثينَ بعاداتِنا 
و طنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
ودَّعنا بعضنا كَ شُعوب 
و ردَّدنا بأنَّ هذا هو المكتوب 
لأننَّا أنصافُ رجالٍ
ركضنا للأمام و رضينا الهروب 
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
مِنْ واقعٍ عِشناهُ حياتَنا 
فلما لا نعترف إذاً بالعيوب ؟
عسلُنا لا طعمَ لهُ .. لباسُنا لا شكل لهُ
و كلامُنا هزلٌ و و و و تعذُّرٌ فينا و ما لهُ
إلا السقوطَ ببحرٍ كانَ للعربِ اسمُهُ
و الفعل لسيفِ الغريبِ الذي 
على رِقابنا سلَّهُ
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
سجونُهُ خمسة من غيرِ نجوم 
قهرٌ ... ذلٌّ .. و تعفُّنٌ بأجسادِنا يدوم
و حقوقُ الانسانِ قطعاً ضائعة 
ما بينَ مخالبِ الجلَّادِ و المحكوم
فأينَ عروبتي التي تقولُ موطني ؟
كُنَّا ببلادِ الشَّامِ نقول
بأنها منارةُ النهى و العقول 
و اليوم بعهدِ الكراسي 
أصبحتْ سفينة بيد رُبَّانٍ مهبول 
فالشام و بغداد قد ناموا 
تحتَ أروقةِ الجاهلينَ فمن المسؤول ؟
أليسَ هو الشَّعبُ المُسيَّر ؟
أَمْ كانَ هو المُخيَّر ؟
بالفعل أننا كأوطاننا حدودٌ و بِلا حلول
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
بيارقُنا تجتمع فقط في المؤتمرات 
تنديد إستنكار ضد المؤامرات 
التي يبحثونَ عنها في عيشنا 
و ما كانَ فيها مدركٌ للكلمات
يقرأ ما يُبدعُ فيهِ كُلَّ طفلٍ 
و ينسى أنَّهُ ببغاءَ من صنعِ المُخابرات
وطنٌ كبيرٌ بعاداتهِ
جامعاتنا و مدارسُنا 
كلياتُنا و معاهدنا 
مناهجٌ قتلتْ مواهبُنا 
بأساتذةٍ محو معالمنا 
و الشهادات لأولاد الرُّتَب 
و من بعدهِم ما يترتَّب
من بعثرات الواسِطة 
فهل للنهوضِ مكاناً لأمَّتِنا ؟
وطنٌ كبيرٌ بعاداتهِ
أعطِني يا هذا لأعطيكَ ما تشاء 
من المَكرِ و الخداعِ و حتَّى الرياء 
فماذا عن ودادَ عنترةٍ يا تُرى ؟
حتى بعهدِهِ انقطعَ الرَّشاء 
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
إلى متى نبقى نَعُدُّ أوطاناً تنشطِر 
و نتباهى برؤوسٍ تتطاير و تنكسِر
فدراليَّةٌ .. لبراليةٌ .. إسلاميَّة 
فالكلُّ على قياسِهِ يُقسِّم و يختبِر
سلاحَ ستالين و لم يدري واحدُهم
أننا بسيفِ الغريب ننتحِر
وطنٌ كبيرٌ بعاداتهِ
قلتُ ذاتَ يومٍ عنِ الحُكَّامِ و تلكَ الأصابِع
التي أقسمَتْ و عاهَدَتِ الأديانَ و الشرائع
على أن يحكمون بالعدلِ و القسط
و أن لا يكون فيهِم خائنٌ تابِع
قلتُ عندما قرأتُ made in على تلك الأصابِع
الخُنصُر صنِعَ هنا ، و البُنصر صنعَ هناك 
و الوسطى هنا ، و السَّبابة هناك 
و الإبهام صنع من صمتِ الشعوب
التي تستحقُّ حاكما و من نسلهِ يحكم الجد السابع
قلت ذاتَ يومٍ عن البائع و تلك الأصابع 
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ
كتبتُ ما رأيتُهُ بيديَّ 
فربما سيكونُ سخطاً عليَّ
أو ربما سيكونُ آخرتي 
أو ربما سينسيني هذهِ القضيَّة 
قضيَّةُ مواطِنٍ بلا وطن 
قضيةُ حسرتي على دولي العربية 
وطنٌ كبيرٌ بعاداتِهِ