الخميس، 24 أغسطس 2017

(أمي مضيت)

مضيتُ في الماضي كما الحاضر ..

مضيتُ نحوَ ذاكرتي و تلكَ الخواطِر ..

مضيتُ و مضيتُ و مضيْت ..

فأنا أعلمُ أني قد إنتهيْت

من قصصِ البيتِ

الذي كنتُ فيهِ عاصٍ

و لسماعِ الغالية كنتُ قد أبيْتْ

و من هنا مضيت …


مضيتُ و كنتُ صغيرَ الأظفارِ

و كنتُ مالكً لكلِّ شيء …

لإسمي و عقلي … وووو

و حتى لغرفةٍ أردتُّها بلا غبارِ


كنتُ أصرخُ في وجهها

أريدُ و هذا و هذا و تلكَ

و ما قدَّرتُ سنينَ عمرَها

و ظننتُ أني أنا وحدي أكبُر

و إلى حيثُ أريدُ .. وبالصراخِ أعبُر !!

فكم و كم ردَّدتُ بأنانية

هي كبيرةٌ .. مفقودةٌ كما حالُ جيلها …!


ولكن

هنا قد صحوتُ من عمرٍ تبدَّل

و ملامحها بدأت تتبدَّل

و خطواتُ العمرِ لا تتمهل

قلتُ يا أمي .. يا مَن حملتي همي

و قضيتي شهوراً و شهور

بل سنواتٍ و سنوات ..

و أنا مقبلٌ على الحياة ..

فها هم أولادي ..

وجدتهم أمامي و شعرتْ

بأنني الآنَ قد صحوتْ

صحوتُ من بعدِ رقادي ..

ألا فإصفحي يا ركني و عمادي …


قد تداعتْ عليَّ غُربةٌ

و ضاقتْ عليَّ كربةٌ ..

و إستضعفني حالي ..

يا قمر الليالي ..

لأني ظالم … شابح المعالم ..

فسامحيني يا قرة عيني ..

و تمهلي بكل شيء ..

إلا بالرِّضا

فحالُ حصادي … مازرعتهُ بأولادي ..


أمي ..

لي أملَّ باللهِ و فيكي ..

كلما نظرتُ إلى السماءِ أُناديكي ..

فإعلمي يا أمي ..

بأني وهبتُ من دموعي ما وهبتْ ..

و لبيتنا القديمِ ودَّعتْ ..

عزمتُ المجيءَ و ما إستطعتْ ..

فربما أراكي … ذاتَ يومٍ

مع أنني أكرر ..

أني بفراقكِ ودَّعتْ

وطناً … و أنتي الوطن ..

و لأقدامكِ قد قبَّلتْ …

من هنا إلى هناك ..

يا أمي …

كما إنتهى كل شيء

ها أنا قد إنتهيت

شهِدتُّ زحفاً لآلافِ الرجال الحالمين 

و النائمينَ على وسادةٍ خاويةٍ حتى مِنَ مِرْبَطِ الخيل 

الذي عاشَ فتيلَ قصَّةٍ بطلُها  (عنترة) ..

عنترة !؟

و حربُ الدَّمِ الواحد ، التي مرَّغتْ سيرتُنا بالإنتقام

و لا زالتْ تمكثُ تحتَ سُلطَةِ الرأسِ الكبير

مِمَّنْ يَحتَضِنُ الرُّجولة (بالشَّارب)

و الأقربونَ أوْلا بالمعروفِ حرباً ! ... لما لا و نحنُ أقارب ؟

كتبتُ على ذلكَ الجدار

إنِّي مقيَّدٌ من جوْرِ الحصار

من جوعٍ غُرِسَ فتكاً بنا 

من أرضٍ لم تعُدْ لنا

أَمْ أنَّهُ كانَ حاضرٌ بيننا ؟ 

بتباعُدِ المِعْصَمِ عن السوار !!

كتبتُ على ذلكَ الجدار


كتبتُ و الجدران دفاتر المجانين 

و أنا أعلمْ أنِّي رهينةُ الحنين 

و أنَّني ألبِسُ زيَّ التهاوي و الأنين

و كل هذاجعلَ يراعي ينضبْ

يبوحُ ألماً و يكتبْ

عن وطنٍ مسَّهُ الضيمُ بإقتدار

كتبتُ على ذلك الجدار 


أنَّني سأموتُ على أريكتي كالغرباء

بعدَ أنْ ولجَ دارُ المخلصين وباء

و باءٌ تكنَّى بإسمٍ ميمٍ و واوٌ و تاء

وباءٌ يقامِرْ على الحياة 

على بقائنا في هذه الفلاة

وقد أوجبوا علينا الإحتضار

كتبتُ على ذلك الجدار 


كتبتُ أنَّ الفقيرَ في زنازنٍ فرديَّة

أصبحَ يموتُ برداً منْ أجلِ القضيَّة

قضيَّةُ كرامةٍ مُسِحتْ بأوامرٍ عُرفية

قضيّةٌ تكنَّتْ بالغضب

قضيَّةٌ طمسها العرب

كأنما إندثرتْ من فعلِ إعصار 

ألا لعنَ الله أصحاب القرار 


كتبتُ على ذلك الجدار ................

وطني الجريح ...

متى يُشْفى ؟

متى يعودُ إلينا ؟

متى يستريح ؟

أسألةٌ عمَّنْ سجنتها المظالم

حكمتْ عليها كما علينا 

بالوداع ...

و بركوبِ سفينةٍ بلا شراعْ

أسألةٌ عمَّنْ خاضتْ عجائباً 

بسبعِ سنوات عجاف

الذي مات ، و الذي لم يفارق الحياة

إلا بالإسم ... و الحقيقة أنه ينتظر

نعوة على روحه السجينه

في غربةٍ فتحها الطغاة 

بوجه بلدي ، بوجه كل مدينة 

بوجهِ شعبٍ من الآهِ يصيح

فكيفَ إذا نستريح ؟؟

أما نقف بوجهِ الرِّيح ...

حين تعصف

كالمدفع الذي يقصف ؟

كالليل العسير 

بلا قمرٍ منير

بلا فجرٍ يعيد لنا أمواتنا 

الذين رحلوا بوقتٍ قصير 

كلُّ هذا يا أمتي ضاع

و عروبتنا في عهد الإنصياع 

تنجرُّ كالخراف ..

و لا يطيب لهم إلا ...

بالحذاء على رؤوسهم 

يمجدون أسيادهم ليزداد جلوسهم 

و كل هذا متلعقٌ بالتمجيد و المديح 

لا تقولوا لي أنَّ رئيساً عربياً فقد كرسيهُ

قبل أن تؤكدوا أن الشعب فقدَ شرعيتهُ

أينما كانَ خطيرةٌ شريعتهُ

فقلي يامن تقرأ ...

سألتكَ بالله كيفَ سيعودُ وطني

و كيف نستريح ؟؟؟