قلتُ سأرحلْ
عنْ آثامِ البشرِ ، عن تسَكعِ الفصول
و عُرِيُّ أغصانِ الشجر
قلتُ سأرحلْ
منِ سنواتٍ هجرت ربيعَنا
منْ عمْرٍ جُلُّهُ تبدَّلْ
قلتُ سأرحلْ
لأصافحَ الأشباحَ بعيداً
فوقَ ربوةٍ أو جبلْ
لأقولَ أنَّني إنسان
قبعَ على بعثراتِ البركان
و على آلامِ الآخرين
و غدا بعيونِ الناسِ
كأنَّهُ للهمومِ يتسوَّلْ !
قلتُ سأرحلْ
من شوارعِ الدنيا
من عالمٍ بلا معنى
كأنما أوصِدَتْ كلُّ منافِذهُ
و بدا كدائرةٍ بلا مَدْخَلْ
قلتُ سأرحلْ
و أفكاري لا تزالُ كقميصٍ
بلا أكمامٍ و فمي مُكمَّمْ
و في السِّنِّ أتقدَّم
فلا أعلّم .... و لا أعلمْ
إنْ كانتْ صحراؤنا تحتاجُ حرثا
و فيها الأنقاض ..
و العين يقيِّدُها الإغماض
إلا بما نذَرْ
بالقليلِ القليلِ من الإمتعاض
و من فوقِ فوقِها أرواحٌ
عليهِمُ السَّماءُ برحمةٍ تُسدلْ
فهناكَ السلامُ عندَ ربٍّ
و هنا النَّفسُ باستهانةٍ تُقتَلْ
فماذا أفعل ؟
قلتُ سأرحَلْ
لأقتصَّ من العثرات
من نيِّفٍ و سبعُ سنوات
حيثُ رأيتُ الملائكةَ
تشربُ من سرابِ ذاكَ الجدول
الذي حُرِثَهُ المِدْفَع
و بالقنابِلٍ نُفِيَتْ هيبَةُ الفأس ِو المِعْوَلْ
فكيفَ الجراد إلى أرضنا يتسلَّلْ؟
قلتُ سأرحل ..
بعدما رأيتُ وطناً داخِلَ الوطنْ !!
كأنَّما وُلدَ من رحِمِ الغايات
غاياتُ أقوامٍ غيرُ معلنةٍ
و العنفُوانُ بالسُّخطِ تبدَّلْ
أما منْ صِدِّيقٍ بالطُّهر يتظلَّلْ ؟
أَمْ أنَّهُ مِعوَجٌّ ..
يقضي الحياةَ كُلَّها و لا يتعدَّل ؟
قلتُ سأرحل
لأنَّني لم أرى إسمَ جدِّي إلا على الدفتر
و الهباءُ يعتليه .. تغيبُ معانيه
كأنما لمْ يُكتَبْ لجيلٍ واحدُهُمْ يتخدَّر
و الممحاةُ تمحي ما تقدَّمَ منهم
و تترُكُ منَّا ما تأخر ....
كانوا آيةً من اللهِ تتنزَّل
أمَا أجدادُنا وهبونا كُرَةً ؟
و جيلُنا بغبائِهِ يتعرقل ؟
قلتُ سأرحل
و لن أعود
إلى جيناتٍ تهوى الرمادَ و البارود
فكيفَ أعود ؟
و ما بينَ أعشاشِ الطيورِ رسموا حُدود
و من حولها ثعابينٌ
تأكل البيضَ ، و ترشُّ السُّمَّ
لتقتصَّ من وِحدةِ ذلكَ العود
أبهذا يا أمةَ الله أقبل ؟
فكيفَ لا أرحل ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق