الأربعاء، 23 أغسطس 2017

قلتُ سأرحلْ

عنْ آثامِ البشرِ ، عن تسَكعِ الفصول

و عُرِيُّ أغصانِ الشجر 

قلتُ سأرحلْ

منِ سنواتٍ هجرت ربيعَنا 

منْ عمْرٍ جُلُّهُ تبدَّلْ

قلتُ سأرحلْ

لأصافحَ الأشباحَ بعيداً

فوقَ ربوةٍ أو جبلْ

لأقولَ أنَّني إنسان

قبعَ على بعثراتِ البركان 

و على آلامِ الآخرين 

و غدا بعيونِ الناسِ

كأنَّهُ للهمومِ يتسوَّلْ !

قلتُ سأرحلْ

من شوارعِ الدنيا 

من عالمٍ بلا معنى 

كأنما أوصِدَتْ كلُّ منافِذهُ

و بدا كدائرةٍ بلا مَدْخَلْ

قلتُ سأرحلْ

و أفكاري لا تزالُ كقميصٍ

بلا أكمامٍ و فمي مُكمَّمْ

و في السِّنِّ أتقدَّم 

فلا أعلّم .... و لا أعلمْ

إنْ كانتْ صحراؤنا تحتاجُ حرثا

و فيها الأنقاض ..

و العين يقيِّدُها الإغماض

إلا بما نذَرْ 

بالقليلِ القليلِ من الإمتعاض

و من فوقِ فوقِها أرواحٌ 

عليهِمُ السَّماءُ برحمةٍ تُسدلْ

فهناكَ السلامُ عندَ ربٍّ

و هنا النَّفسُ باستهانةٍ تُقتَلْ

فماذا أفعل ؟

قلتُ سأرحَلْ 

لأقتصَّ من العثرات

من نيِّفٍ و سبعُ سنوات

حيثُ رأيتُ الملائكةَ 

تشربُ من سرابِ ذاكَ الجدول

الذي حُرِثَهُ المِدْفَع

و بالقنابِلٍ نُفِيَتْ هيبَةُ الفأس ِو المِعْوَلْ

فكيفَ الجراد إلى أرضنا يتسلَّلْ؟

قلتُ سأرحل ..

بعدما رأيتُ وطناً داخِلَ الوطنْ !!

كأنَّما وُلدَ من رحِمِ الغايات

غاياتُ أقوامٍ غيرُ معلنةٍ

و العنفُوانُ بالسُّخطِ تبدَّلْ

أما منْ صِدِّيقٍ بالطُّهر يتظلَّلْ ؟

أَمْ أنَّهُ مِعوَجٌّ .. 

يقضي الحياةَ كُلَّها و لا يتعدَّل ؟

قلتُ سأرحل 

لأنَّني لم أرى إسمَ جدِّي إلا على الدفتر

و الهباءُ يعتليه .. تغيبُ معانيه

كأنما لمْ يُكتَبْ لجيلٍ واحدُهُمْ يتخدَّر

و الممحاةُ تمحي ما تقدَّمَ منهم

و تترُكُ منَّا ما تأخر ....

كانوا آيةً من اللهِ تتنزَّل

أمَا أجدادُنا وهبونا كُرَةً ؟

و جيلُنا بغبائِهِ يتعرقل ؟

قلتُ سأرحل 

و لن أعود 

إلى جيناتٍ تهوى الرمادَ و البارود

فكيفَ أعود ؟

و ما بينَ أعشاشِ الطيورِ رسموا حُدود

و من حولها ثعابينٌ

تأكل البيضَ ، و ترشُّ السُّمَّ

لتقتصَّ من وِحدةِ ذلكَ العود 

أبهذا يا أمةَ الله أقبل ؟

فكيفَ لا أرحل ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق