الأربعاء، 23 أغسطس 2017

كيفَ لا أحفظُ عهدَ أبي ؟

و مُنذُ طفولتي ثملُ

أصحو على حكمتِهِ

التي ولَّاها لفِلْذَتِهِ

أقولُها صدقاً 

و ليسَ لأنها من صُنْعِ أبي

فكيف لا أحفظُ عهدَ أبي ؟

عندما قال :

يا بنيَّ إسمع 

من كان داخلَ الصمتِ يقبع

ففيهِ أسرارٌ تُعَلِّمْ

و منها الحُكماءُ تتعلم

لتكونَ على رأس الحِكمة تتربَّع

فكيفَ لا أحفظُ عهدَ أبي ؟

أو حينما قال :

أنظرْ و تأمَّل

لترى صُورَ العيون التي تتحمَّل 

أو ربَّما تتسلَّطْ حسَداً

و ما بين الناسِ بشعورٍ مُرهفٍ تتزمَّل

أرنو بيقينٍ .. ليحفظكَ الله كآيةٍ تتنزَّل

فكيفَ لا أحفظُ عهدَ أبي ؟

و هو مَنْ قال :

أيا ولدي 

إنَّ النهار ينتهي بالنَّوم

و الأعذارُ يبغَضُها اللوم

إجعل كلَّ شيءٍ يسير

و لا تترُكِ الحُزنَ يروم

من خاطركَ الذي يحمِلُ طيبةً 

لا تُقاسُ بالعددي

و تحمِلُ قوةٌ تتغلَّبُ على الأسدي

فهذا لك ما أُبدي 

إحفظ العهدَ يا ولدي 

و إحذر ...

فالحِلْمُ يمدُّكَ بملائكةٍ تحميك

و عن الناسِ تُغنيك

فكيف اللهُ لا يأتيكَ بالمددي ؟

هذا ما قالهُ أبي 

إن تكالبَ عليكَ أهلُ الرِّقْ

لا توافِقْهُم .. لتبقى على حقْ

و اسعى بمَرضاتِ ربي

الذي سيمحو كلَّ كربي 

و تأكَّد ....

أنَّ اللهَ واحدٌ فردٌ صمَدي

لهُ أسماءٌ لا يُشاطرهُ بها أحدي

هو العظيم 

و هو الكريم 

و هو لأهلِ الشَّرِّ المنتقِم

فلا تستسلِم

و لا ترنو خبيثاً يأتيكَ بالعجبي

قل لهُ : يامنْ حوَّرتَ التينَ إلى عنبي

سيُعطيني الإلهُ فضلاً

و ظُلمُكَ سيكونُ سببي 

لتعلمَ أنَّ من فوقنا مُنصِفٌ

إنَّهُ ربي

فكيفَ لا أحفظُ عهدَ أبي ؟؟

لا أَيُّها النائم ..

أفِقْ .. و لا تُصدِّقْ

أنَّهُمْ أنبياء ، و نحنُ أغبياءْ

انظرْ إلى السماء

لترى رفوفَ الحمائِمْ

يشهَدونَ أنَّنا النَّسائِمْ

أفِقْ أيُّها النَّائِمْ

أفِقْ

فَطُرقاتُهِم من شرايينِ البَشرْ

و دُموعُهُمْ سُرِقَتْ من المطرْ

سيِّدُهمْ يكذِبْ

و الشَّعبُ بنا يحلِبْ

كلَّ من جاؤوا بهِ ليَحْلُمْ

و وطنُهُ فوَّهةٌ

بركانُهُ سلاحهُمْ

و جسَدُ أخيهِ في وادي جهنَّم

ألا من أخطائنا نتعلَّمْ ؟؟

أنَّ أظافرُهُم مُستعارةٌ 

و كُلُّها لا تتَقَلَّمْ

أفقْ أيها النائم

فليسَ بهِمْ على الحقِّ قائِم

أفق

فالإنسانيَّةُ ليستْ إختصاصاتْ

أمَا بمِقَصِّهِمْ أصبحْنَا قُصاصات ؟

تتطايَرْ .. تتناثَرْ .. تتشاطَرْ

فيما بينهُمْ ....

فلما لا نقولُ و نختصِرْ ؟

أنَّ أرواحَنا في أوطانِنَا 

و أجسادُنَا تفنى و تَحْتَضِرْ 

نعم أيها النائم 

و من نسلِهِمْ أتونا بحاكِم 

أنظُرْ و تأمَّلْ

ستراهُ لبَلاطِهِم أميناً و خادم 

و بفَضلِهِم على الشعبِ قائمْ

أفق  ... أفق أيها النائم 

لا تَنتَقِدني فإنِّي أنتظرُ على الأبواب

بيميني قلمٌ

و بيساري علَمٌ

و بعينِي سَلَمٌ 

مكتوبٌ بِكتاب

و لا أنوءُ عن نفسِي

 ما حيَّرَ الألباب

لا تنتقدْنِي فإني أنتظرُ على الأبواب


لأقرأَ عليهِمُ السَّلامَ بقولٍ

 يا أمَّةَ الإغتصاب

لا شيءَ يجمعنا

واحدُهُمْ يفرقُنا

تقاعُسُهُم أرهقنا

و حِقبَتُهم تَوْكِيدُها إنتداب

و ما الشَّعبُ بعيونِهم إلّا ماءُ زرياب

لا تنتقدني فإني أنتظر على الأبواب


لأَعُدَّ كمْ نفراً سيجلسُ تحتَ القِبابْ

رئيسٌ وارثُ الحُكْمِ بالعاده 

ينامُ على كرسيِّهِ بلا وِساده

أمَّا أصحابُ السَّعاده يتساءلون ..؟

 مَنْ أتى بعودِ الثقاب

الذي أشعلَ الكنيسةُ 

و أشعلَ المِحراب ؟

لا تنتقدني فإني أنتظرُ على الأبواب


أنتظِرُ زعيماً يكونُ صادقاً بِخِطاب

في الشّرقِ مُسْتَعْربٌ .. لآهاتنا مُسْتَعْذِبٌ

للغرباءِ مُسْتقطِبٌ ..فإنهُ مُحتالٌ نَصَّاب

حتى أنهُ يَسْلِبُ من ثغورنا الرُّضاب

لا تنتقدني فإني أنتظرُ على الأبوابْ


لأروي أوجاعَ شعبٍ تركوهُ بلا أثواب

أنقَصوا مقامَهُ 

و كبَّلوا أحلامَهُ

و بدَّلوا إسلامَهُ 

إلى بعبُعٍ و إرهاب

فقطْ لأنّهُ يبغي السَّلامَ 

و إلى ربهِ تاب

لا تنتقدني فإني أنتظرُ على الأبواب


فأنا من شعبٍ تهافتتْ عليهِ الكلاب

أ نَحنُ عظام ؟ أمْ نحنُ نيام ؟

لأرواحِنا السَّلامْ

و ساداتنا أذناب 

واحِدُهُمْ يطيبُ لهُ التَّمتُّعَ و الإنجاب

لا تنتقدني فإني أنتظر على الأبواب


لأُبرهنَ أنَّ العربيَّ كانَ 

و ما كانَ في الإعراب ؟

إذا كان ماضيهِمُ ناقِصْ

و حاضرُهُم بردُهُ قارص

فماذا عن الراقِص ؟

يرنو موتَ أخيهِ باستغراب

سألتُكم بالله أما نحنُ في أوطاننا أغراب ؟

لا تنتقدني فإني أنتظر على الأبواب 


أمَا الشريفُ منهمْ معتوهٌ كذَّاب ؟

يصنَعُ بفِعلهِ الفِتَنْ 

و يزرعُ بيدهِ المِحنْ

يَضيعُ منّا الوطنْ 

على يدِ ذلكَ العَرَّاب

و ممنوعٌ علينا التقصِّي  و الإقتراب

لا تنتقدني فإني أنتظرُ على الأبواب 


أنتظِرُ من يُنصِفَ أطفالاً 

رحلوا إلى الله أسراب

في البحر ... في البَر

كأنما في هذا سِرْ 

و لنا فيهِ حُسْنَ مآب

أمْ كانَ هذا من اللهِ عِقابْ ؟؟

لا تنتقدني فإني أنتظر على الأبواب


أنظرُ إلى الله خالقُ الكونِ مُجري السَّحَاب

أسألهُ عن طائراتٍ من ذهب

و عنْ فقيرٍ رحلَ فُجَاءةٌ و ذَهب

و آخرُ كلماتهِ كتَبْ 

أنا اليومَ تحتَ التُّراب

فياربُّ عدْلاً 

أرِنِي فيهِم يومَ عذاب

لا تنتقدني فإني أنتظرُ على الأبواب

قلتُ سأرحلْ

عنْ آثامِ البشرِ ، عن تسَكعِ الفصول

و عُرِيُّ أغصانِ الشجر 

قلتُ سأرحلْ

منِ سنواتٍ هجرت ربيعَنا 

منْ عمْرٍ جُلُّهُ تبدَّلْ

قلتُ سأرحلْ

لأصافحَ الأشباحَ بعيداً

فوقَ ربوةٍ أو جبلْ

لأقولَ أنَّني إنسان

قبعَ على بعثراتِ البركان 

و على آلامِ الآخرين 

و غدا بعيونِ الناسِ

كأنَّهُ للهمومِ يتسوَّلْ !

قلتُ سأرحلْ

من شوارعِ الدنيا 

من عالمٍ بلا معنى 

كأنما أوصِدَتْ كلُّ منافِذهُ

و بدا كدائرةٍ بلا مَدْخَلْ

قلتُ سأرحلْ

و أفكاري لا تزالُ كقميصٍ

بلا أكمامٍ و فمي مُكمَّمْ

و في السِّنِّ أتقدَّم 

فلا أعلّم .... و لا أعلمْ

إنْ كانتْ صحراؤنا تحتاجُ حرثا

و فيها الأنقاض ..

و العين يقيِّدُها الإغماض

إلا بما نذَرْ 

بالقليلِ القليلِ من الإمتعاض

و من فوقِ فوقِها أرواحٌ 

عليهِمُ السَّماءُ برحمةٍ تُسدلْ

فهناكَ السلامُ عندَ ربٍّ

و هنا النَّفسُ باستهانةٍ تُقتَلْ

فماذا أفعل ؟

قلتُ سأرحَلْ 

لأقتصَّ من العثرات

من نيِّفٍ و سبعُ سنوات

حيثُ رأيتُ الملائكةَ 

تشربُ من سرابِ ذاكَ الجدول

الذي حُرِثَهُ المِدْفَع

و بالقنابِلٍ نُفِيَتْ هيبَةُ الفأس ِو المِعْوَلْ

فكيفَ الجراد إلى أرضنا يتسلَّلْ؟

قلتُ سأرحل ..

بعدما رأيتُ وطناً داخِلَ الوطنْ !!

كأنَّما وُلدَ من رحِمِ الغايات

غاياتُ أقوامٍ غيرُ معلنةٍ

و العنفُوانُ بالسُّخطِ تبدَّلْ

أما منْ صِدِّيقٍ بالطُّهر يتظلَّلْ ؟

أَمْ أنَّهُ مِعوَجٌّ .. 

يقضي الحياةَ كُلَّها و لا يتعدَّل ؟

قلتُ سأرحل 

لأنَّني لم أرى إسمَ جدِّي إلا على الدفتر

و الهباءُ يعتليه .. تغيبُ معانيه

كأنما لمْ يُكتَبْ لجيلٍ واحدُهُمْ يتخدَّر

و الممحاةُ تمحي ما تقدَّمَ منهم

و تترُكُ منَّا ما تأخر ....

كانوا آيةً من اللهِ تتنزَّل

أمَا أجدادُنا وهبونا كُرَةً ؟

و جيلُنا بغبائِهِ يتعرقل ؟

قلتُ سأرحل 

و لن أعود 

إلى جيناتٍ تهوى الرمادَ و البارود

فكيفَ أعود ؟

و ما بينَ أعشاشِ الطيورِ رسموا حُدود

و من حولها ثعابينٌ

تأكل البيضَ ، و ترشُّ السُّمَّ

لتقتصَّ من وِحدةِ ذلكَ العود 

أبهذا يا أمةَ الله أقبل ؟

فكيفَ لا أرحل ؟

{قِطافُ مُغترب}


أخبِري الشَّمسَ أنَّني مفازةٌ في زمنِ الخير

لا أُعطِي كما تظنُّ الغيوم و لا قطراتِ الندى و لا ماساتُ المَطر

أخبري القمرَ أنَّني قطعةٌ من مجرَّةٍ تباعَدتْ أجزاؤها في سماءٍ منتظمةُ المسار

و لكنَّها لم تُدركُ مساري 

أخبِري سويداكِ عن قلبيَ الأبلق ، و عن اسمِكِ الذي أعشَقْ 

أنَّ الهوى زارني بيومٍ و احتفى ببابٍ كانَ يُطرَق

غادر و لم يَعُدْ .. و ما تبقى لهُ إلا الذكريات .