الأربعاء، 23 أغسطس 2017

عيَّروني !

عيَّروني أنَّني لاجئ ...

و نسوا مدافِعَهم و طائراتُهُم ...

و نسوا أنينَ طفلٍ في الملاجئ ...

عيَّروني أنَّني لاجئ


عيَّروني و نسوا بيوتاً تهدمت أركانُهَا 

و شُرِّدَ ظلماً و بهتاناً سكَّانُهَا

حتى بدا الصبحُ ليلاً دامساً

همسهُ بكاءٌ ، و صراخهُ عويلٌ

و الموتُ في الساحات بات مفاجئ

عيَّروني أنَّني لاجئ


ألمْ تروا الأعلامَ بكمِّها ؟

مئاتُ الألوانِ أصبحت ألوانها ..

أسودٌ و أبيضٌ و أخضرٌ و أحمرْ

كأنما عدنا إلى عهد جوعٍ أغبَرْ

و الأحذية أصبحت بترولاً في المدافئ

عيَّروني أنَّني لاجئ


أنتم أوصدتُّم أبواباً ليلوكنا القرش 

و صمَّمتم أن الشعبَ ثمنهُ قرش

بعثرتموا كلَّ شيء

و الشيءُ لم يعد بشيء

حتى النوارس التي تطوف على الشواطئ

عيَّروني أنَّني لاجئ


أما أعلنتم أنَّ وطني أصبح للمدفع و البارود ؟

و قلعتُمْ تماسكنا بريحٍ رسمت أوطاناً و حدود 

و بايعتُمْ من يفرِّقُنا

بالعنصريةِ يكبِّلُنا 

مدنيَّاً .. عشائريَّاً .. كرديَّاً .. مسيحيَّاً 

الكلُّ للكلِّ على الكلِّ من أجلكم مناوِء

عيَّروني أنَّني لاجئ

السَّجين

إقتَرَبتُ منهُ ولم أَخفْ

و بوجهِهِ معالِمُ الأسف

لا أُدركْ فحواهْ

إلا أنَّني أتنفَّسُ هواه

و بينَ يداهُ إنجيلٌ و مصحف

يتلو بيقينٍ كتابَهُ و يتَصفَّح


و أنْسُجُ قصصاً بفِكْري

كيف ...؟ والله لا أدري 

إلا أنَّ عينايَ عليهِ تَذْرَف

بدمعٍ غريبٍ 

ما منْ أحدٍ عليهِ تعرَّف

فماذا جنى من الكلمات ؟

و عُشَّاقُ وطنهِ لا يزالونَ هُواة

هُواةُ حبٍّ قانطٍ ، و فيهِ القلبُ يُجرف

كأنَّما شَطْرٌ من شطرينِ يُحذَف


أليستِ المعاني ضاعَتْ ؟؟

و المفرداتُ كُلُّها انصاعَتْ

أمامَ شِعاراتٍ علينا  تتعطَّف ؟

و الياسمينُ يذبُلُ و لا يُقطف ...


و الزنانزنُ يأويها قيدٌ

 القيدُ يأويهِ سيِّدٌ

و السَّيِّدُ عنْ الأوطانِ لا يتخلَّف

إلا أنَّ روحهُ تتمزَّق و تُتْلَف


من ظلامٍ يُعانقُ الجدران

من ظلمِ إنسانٍ لأخيهِ الإنسان

فمتى عنهُ الجلَّادُ يُصرَف

أَ هَلْ بميزانِ الهُراءِ يُنْصَف ؟

و الكُرسيُّ باتَ فاقدُ الضمير

و نزيلُهُ على الإستبدادِ يسير

واحدهُمْ يَقتل و لا يأسف

فتأكدْ أنَّ في السَّجنِ 

ألافٌ مصيرهُم لا يُعْرف


رويداً

رُويداً أيا سيِّدَتي

ما كُنتُ مُعَذِّباً

لتكوني مُعَذِّبتي

رويداً أيا سيِّدتي


و لا تتعجَّلي

على حبٍّ لا ينجلي

يجتبيهِ نجمٌ

 في سمواتي

تألفهُ الشُّهبُ 

و تنادِمُهُ مَجرَّاتي 

ليُصبحَ عِقداً برَّاقاً

يُزَيِّنُهُ تكَلُّلي

لُطفاً أيا مُؤنِسَتي


فالعِشْقُ وصْلُ

و في داخِلِ شراييني

أحْكَامٌ

 و لكن منكِ

أبداً أبداً لا يتَنصَّلُ

سَلِي عَنِّي

عندما أَحمِلُ شِعْري

بين صفحاتِ عُمْرِي

لا تنطوي عينٌ عليها 

إلا لتحفظَها 

لتزدادَ مودَّتَها 

تحتَ جفني

فكيفَ

 يا قلبُ لا تُغنِّي ؟

في ليالِ الهيامِ

ففيها ليلةٌ تُشبِهُ لَيْلَتي

رويداً أيا سَيِّدتي


فإني أراكِ

كحُدُودِ أوطانِنَا 

فرَّقها خَتمٌ 

بلا عودةٍ

و البِحارُ تبتلِعُ أحلامَنَا

لما هذا ؟

و قدْ أعطيتُكِ تأشيرتي

أبديَّةٌ .. أزليَّةٌ

فلا تزيدينِي صَدَّاً

فربَّما أموتُ بحِيرَتي

رويداً أيا سيَّدتي